اللسان أمانة،استودعه الله عندنا وأمرنا بأن نستعمله في الذكر وفي العلم وفي التعليم وفي النصيحة وما أشبه ذلك، ولا نستعمله في غيبة ونميمة ولا في هجاء ولا في عيب وقذف وهمز ولمز وما أشبه ذلك. وهكذا بقية الجوارح أمانات داخلة في قول الله تعالى: (والذين هم لأماناتهم وعهدهم راعون) . logo تعبير الرؤيا يرجع فيه إلى معرفة أشياء تختص بالرائي وما يتصل به، وكذا معرفة القرائن والأحوال، ومعرفة معاني الكلمات وما يتصل بها لغة وشرعا وما يعبر به عنها، وهذه الأمور ونحوها يختص بها بعض الناس لانشغالهم بمعرفتها وما يدور حولها، فعلى هذا لا يجوز لكل أحد أن يعبر الرؤى، فقد يفهم فهما بعيدا، وقد يأخذ التعبير من اللفظ لا من المعنى فيخطئ في ذلك. من كان مسافرا ولم يصل المغرب والعشاء فأدرك العشاء خلف إمام مقيم فالمختار أنه يصلي المغرب وحده، فإذا صلاها دخل معه في بقية العشاء، وذلك لاختلاف النية؛ فإن المغرب والعشاء متفاوتان بينهما فرق في عدد الركعات. هذا الذي نختاره. وأجاز بعض المشائخ أنه يدخل معهم بنية المغرب، فإذا صلوا ثلاثا فارقهم وتشهد لنفسه وسلم، ثم صلى العشاء، ولكل اجتهاده الإسلام خير الأديان نظافة وآدابا، ولم يترك رسول الله صلى الله عليه وسلم لأتباعه أمرا إلا بينه لهم، حتى آداب قضاء الحاجة وما يتعلق بها من التباعد عن النجاسات ونحو ذلك إن المؤمن بربه يرضى بالقضاء والقدر، ويعلم أن ما أصابه لم يكن ليخطئه، ويعلم أن في الابتلاء والامتحان خيرا كثيرا وأجرا كبيرا، وأن المصائب والنكبات يخفف الله بها من الخطايا، فيستحضر قول النبي صلى الله عليه وسلم: "ما أصاب العبد المسلم من نصب ولا وصب ولا هم ولا حزن ولا أذى ولا غم، حتى الشوكة يشاكها، إلا كفر الله بها من خطاياه" متفق عليه
shape
شفاء العليل شرح منار السبيل
258709 مشاهدة print word pdf
line-top
الترتيب

قوله: [والترتيب] لأن الله تعالى ذكره مرتبا، وتوضأ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- مرتبا وقال: هذا وضوء لا يقبل الله الصلاة إلا به أي بمثله.


الشرح: الفرض الخامس من فروض الوضوء هو الترتيب ؛ لأنه سبحانه وتعالى قد ذكر الوضوء مرتبا في قوله: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلَاةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ وَامْسَحُوا بِرُءُوسِكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ إِلَى الْكَعْبَيْنِ فلا يجوز لأحد أن يخل بهذا الترتيب، ومما يدلي لهذا أنه تعالى قد أدخل ممسوحا- وهو الرأس- بين مغسولين- وهما اليدان والرجلان- وهذا خروج عن مقتضى البلاغة، والقرآن أبلغ ما يكون من الكلام، ولا نعلم لهذا الخروج عن قاعدة البلاغة فائدة إلا الترتيب.
ولأنه -صلى الله عليه وسلم- قد رتب وضوءه وقال: هذا وضوء لا يقبل الله الصلاة إلا به .
ولأن الوضوء عبادة ذات أجزاء، فكان الترتيب فيها واجبا كالصلاة.
ولأن الذين نقلوا وضوءه -صلى الله عليه وسلم- لم ينقلوه إلا مرتبا، وفي هذا تفسير لآية الوضوء.
ولأنه -صلى الله عليه وسلم- قد قال: ابدأ بما بدأ الله به .
فإذا علم أن الترتيب فرض من فروض الوضوء، فلو بدأ الإنسان بشيء من أعضاء الوضوء قبل غسل وجهه لم يحسب له حتى يأتي به في موضعه. مثلا: لو غسل يديه إلى المرفقين ثم غسل وجهه لم يحسب له غسل اليدين، بل لا بد أن يغسلهما في موضعهما كما في الآية، أي بعد غسل الوجه، وهكذا يقال في بقية الأعضاء.

line-bottom